دبي - العرب اليوم
تحرّص الأسر الخليجية، خلال شهر رمضان، على إحياء مجموعة من العادات والتقاليد ورثتها من أزمنة بعيدة عن أبائها وأجدادها. وتشتهر العائلات الخليجية، بـ"الغبقة"، وهو تقليد تاريخي ظهر في بداية القرن العشرين، عبارة عن وجبة ومائدة رمضانية تسبق وقت السحور.
ويرجع أصل كلمة غبقة إلى الغبوق، وهو حليب الناقة الذي يشرب ليلًا، وعكسه الصبوح الذي يشرب من حليب الناقة صباحًا، فيما جاء في أحد المعاجم أنها تعني وجبة خفيفة تؤكل في المساء. ويدعو صاحب الغبقة، أقاربه وجيرانه لوليمة تؤكل عند منتصف الليل أو قبله بقليل، كما تكون فرصة لتبادل أطراف الحديث بين الأهل والمعارف.
وتتميز الغبقة بتنوع أطباقها، لكنها تشمل بشكل أساسي وجبة "لمحَمَر"، المكونة من الأرز المطبوخ بخلاصة التمر، والسمك الصافي المقلي أو اللحم، وهو ما يجعل هذه الوجبة تعتبر "سيدة الغبقة الرمضانية". وتضم الغبقة أطباقًا شعبية أخرى كالثريد والهريس والمجبوس والمشخول، إضافة إلى الحلويات مثل الساقو واللقيمات والعصيدة والبلاليط. وتستمر لقاءات الغبقة بين الأقارب حتى ساعات متأخرة بعد منتصف الليل، وفي بعض الأحيان حتى موعد الإمساك، يتبادلون أطراف الحديث أو يمارسون بعض الألعاب التراثية أو يشاهدون المسلسلات الرمضانية.
وتنشط الأسواق، خلال هذا الشهر، ويرتفع معدل الاستهلاك، حيث تعتبر نفقات الغبقات الرمضانية وسيلة لتحريك الاقتصاد الخليجي. وتطورت هذه العادة الخليجية إلى أن انتقلت إلى الفنادق والخيم الرمضانية، وبات من الضروري الحجز مسبقًا لحضورها، كما صارت الأسر تتكلف وتبالغ في تحضير الغبقة، وهو ما جعلها تخرج عما هو متعارف عليه. وكانت الغبقة تنظم طيلة أيام شهر الصيام، بيد أن البعض يرى أن أفضل وقت لتنظيمها هو من بداية هذا الشهر إلى الثالث عشر منه، على اعتبار أن الناس يشتغلون فيما بعد بإحياء العشر الأواخر والاستعداد لعيد الفطر.