لندن ـ كاتيا حداد
كشفت وزارة الآثار المصرية، عن التقاط إشارات من غرف مخفية خلال البحث في قبر الملك توت عنخ آمون، عن آثار فرعونية مفقودة، عند استخدام الأشعة تحت الحمراء لقياس درجة حرارة كل من جدران القبر.
وأعلن فريق من كلية الهندسة في جامعة القاهرة ومعهد "التراث، الابتكار والحفظ" في باريس، أن منطقة واحدة من الجدار الشمالي في الملك الفرعوني كانت درجة حرارتها مختلفة عن مناطق أخرى، وهو ما يعد مؤشرا محتملا لوجود غرفة مخفية.
وكشف الباحثون النقاب عن صور ملونة حديثة من اكتشاف القبر، تم التقاطها أثناء عملية الحفر بواسطة المصور البريطاني هاري بورتون.
وصرَّح وزير الآثار المصري ممدوح الدماطي في بيان، بأنَّ البحث عن المقابر المخبأة استمر 24 ساعة، موضحا أن العديد من التجارب سوف تنفذ، على أمل تحديد المنطقة ذات درجة الحرارة المختلفة بدقة أكبر.
وزعم الدماطي أن هناك خدوشا وعلامات على الجدران الشمالية والغربية مماثلة تماما لتلك التي عثر عليها هوارد كارتر على مدخل مقبرة الملك توت.
وتتبع البحث مزاعم عالم المصريات البريطاني نيكولاس ريفز، من جامعة أريزونا، بأن الصور عالية الدقة للمقبرة تظهر آثارا خطية متميزة على الجدران، تشير إلى غرفتين غير مكتشفتين.
وأضاف الدماطي أنَّ الصور عالية الدقة من ما يعرف باسم قبر الملك توت، كشفت العديد من الأمور المثيرة للاهتمام والتي لا تبدو طبيعية تماما، وتصنع تلك الخطوط زاوية قائمة مع الأرض، متمركزة في وضعية متماشية مع خطوط أخرى داخل المقبرة، ولكنها صعبة الالتقاط بالعين المجردة.
وأفاد مؤسس معهد التراث والابتكار مهدي طيوبي، بأن "الفريق كان متأثرا للغاية ومليئا بالمشاعر لقضاء ليلة في المقبرة"، مضيفًا: "من الممكن أن ملصقات الجدران تخفي مدخلين غير مستكشفين، واحد منهما ربما يؤدي إلى مقبرة نفرتيتي"، مشيرا إلى أن تصميم المقبرة يوحي بأنها بنيت للملكة، بدلا من الملك.
وأوضح طيوبي، أنَّه يعتقد بأن تلك الغرف تقع خلف الجدران الغربية والشمالية من المقبرة، وتحتوي إحداها على رفات الملكة نفرتيتي، الزوجة الرئيسية للفرعون اخناتون والأم لستة من أبنائه، أحدهم هو الملك توت عنخ آمون.
واشتهرت نفرتيتي بأنها رائعة الجمال، علمًا أن مقبرة نفرتيتي أو "سيدة الأرضين" فقدت لعدة قرون منذ وفاتها المفاجئة عام 1340 قبل الميلاد.
واقترح تحليل الحمض النووي السابق أن والدة الملك توت عنخ آمون قد تكون المومياء المعروفة باسم السيدة الشابة، ويعتقد أيضا أنها شقيقة والده، ووفر الدكتور نيكولاس ريفز، عالم الآثار الانجليزية في جامعة أريزونا، أدلة جديدة لدعم هذه الأدلة في تقرير نشره مشروع مقابر العمارنة الملكية.
وبعد التحليل بالأشعة عالية الدقة لجدران مجمع توت عنخ آمون الخطير في وادي الملوك، رصد الدكتور ريفز ما يبدو أنه المدخل السري للمقبرة، وكشف النقاب عن مدخلين أحدهما يعتقد أنه غرفة تخزين والأخرى غرفة دفن الملكة نفرتيتي، وإذا ثبتت صحة تلك المزاعم فيمكن أن تكون المقبرة تخفي أكثر الأشياء روعة في مقبرة الملك توت.
ويظن ريفز أن قبرها نظرا إلى موقعها على يمين أعمدة المدخل، وهو أكثر شيوعا في مقابر الملكات المصريات؛ ولكن صغر حجم حجرة دفن الملك توت عنخ آمون حير الخبراء لسنوات، نظرًا إلى مكانته في التاريخ المصري، لذا يظن الدكتور ريفز أنها بنيت كإضافة إلى مقبرة والدته، لأنها كانت الوصية على الملك الصبي.
وزين مدخل ما يعتقد أنه مقبرة نفرتيتي بمشاهد دينية، ربما كطقوس لتوفير الحماية للغرفة التي خلفه، وكتب الدكتور ريفز: "ملكة واحدة فقط من سلالة الأسرة ال18 هي التي تلقت هذا التكريم، تلك الملكة هي نفرتيتي، التي كانت وصية على الملك الصبي وخليفة الفرعون اخناتون".
وقال المحاضر البارز في علم المصريات في جامعة مانشستر جويس تيلدسلي، أن فرضية الدكتور ريفز قد تثبت صحتها، مضيفا: "يبدو لي أنه من المحتمل جدا أن تكون نفرتيتي توفيت في عهد زوجها، لذا محتمل أن تكون دفنت في تل العمارنة، المدينة التي بناها أخناتون في شرق مصر لهذا الغرض، ولكن كنت أتوقع أن تكون مدفونة في مكان ما في الوادي الغربي، وليس في وسط وادي الملوك".
ويعني اسم نفرتيتي "الجميلة التي أتت"، وقد كانت ملكة مصر وزوجة الفرعون أخناتون في القرن ال14 قبل الميلاد، وأسست مع زوجها مذهب عبادة آتون، إله الشمس، وروجت الفن في مصر الذي كان مختلفا عن سابقيه، وتوحي ألقابها بأنها كانت الفرعون بعد وفاة إخناتون، ولكن على الرغم من مكانتها المرموقة، إلا أن وفاتها ودفنها لا يزال لغزا.
وتم اكتشاف حجرة دفن توت عنخ آمون التي عمرها 3000 عام في 1922، بعد البحث عنها لمدة 15 عامًا، واكتشف فيها 5000 قطعة من التحف بما في ذلك تابوت الملك وقناعه الذهبي، ومومياوات ولدت ميتة، وسبب الاكتشاف ضجة كبيرة في جميع أنحاء العالم بسبب ثرائها الفاحش، فيما تزال وفاة الملك لغزا حير علماء الآثار.
كما تم العثور على طفلين ميتين مدفونين معه، ويقال إنهما كانا آخر سلالة الملك توت، وأدت وفاة توت عنخ آمون إلى الحرب، إذ خلفه في الحكم مستشاره آي، الذي تزوج أرملة الملك الصبي، وتحت حكمه هزمت مصر في حرب مع الحيثيين، ولا يزال العالم يعرف القليل جدا عن الملك توت عنخ آمون، الذي توفي عندما كان عمره 19 عامًا.