كنيسة "سيدة النجاة" في بغداد
كنيسة "سيدة النجاة" في بغداد
بغداد ـ جعفر النصراوي
تزامنًا مع الذكرى الثانية للاعتداء على كنيسة سيدة النجاة في منطقة الكرادة، في بغداد، أعيد افتتاح الكنيسة، الجمعة، بعد ترميمها بمشاركة رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي والكردينال عمانوئيل دلي، في حضور ممثل البابا والسفير البابوي في بغداد وعدد كبير من المسؤولين المسيحيين وممثلين عن مجلس النواب
ووزراء والعديد من الجهات السياسية والدينية إضافة إلى سفراء الدول المعتمدة لدى العراق. وقال راعي ابرشية بغداد، المطران مار غفران يوسف عبا في كلمة له خلال مراسم الافتتاح إن "المسيحيين شعورًا منهم بدورهم ومبادئهم بذلوا وما زالوا ليبقى العراق شعلة مضيئة في عالم تكتنفه شبهات الغدر لكننا سنبقى نحن المسيحيون ملحًا وخميرة في عجينة هذا الوطن سنبذل في خدمة وطننا ومحبة شعبنا".
وأضاف عبا "نفتتح سيدة النجاة لتبقى منارة موحدة وملتقى لكل الأديان والطوائف لتعود من جديد مآذن بغداد تعانق أجراس كنيسة سيدة النجاة فتتوحد الأصوات منادية للسلام للعراق لكي يصبح نموذجا للعيش المشترك والاحترام المتبادل، ولتعود بغداد بحق دار السلام والمحبة والوئام".
وتابع عبا "كلنا إيمان بأن الخير يغلب الشر نحن هنا رؤساء ومسؤولين مدنيين لنشهد أن المحبة هي فوق كل شيء في عهد ازداد فيه الجبن وتراجعت فيه الأخلاق".
من جهته كشف رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي أنه طلب من الاتحاد الأوروبي ألا يشجع على هجرة المسيحيين من العراق، مؤكداً في الوقت نفسه أن الفاتيكان لبى دعوته إلى حث مسيحيي العراق على عدم الهجرة.
وقال المالكي في كلمة له خلال حفل الافتتاح "طلبت من دول الاتحاد الأوروبي عدم التشجيع على هجرة المسيحيين من العراق"، عازياً السبب إلى أن "مسيحيي العراق عاشوا معنا بوئام ومحبة وعلاقات طيبة لم تشهد خصاماً ولا خلافاً ولا حروباً أو مشاكسات".
وأضاف المالكي "لقد دعيت أيضاً البابا بندكتوس السادس عشر الفاتيكان إلى إصدار بيان يطالب فيه المسيحيين بالبقاء في العراق، حتى لا يخلو الشرق من أبناء هذه الديانة، كما لا يخلو الغرب من المسلمين"، مؤكداً أن "البابا لبى الدعوة وهو مشكور".
وشدد المالكي على أن "المسلمين والمسيحيين هم حلقات التواصل بين الديانات".
وكانت كنيسة سيدة النجاة التي تقع في منطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد، تعرضت لاقتحام من قبل مسلحين ينتمون إلى تنظيم القاعدة، في الحادي والثلاثين من تشرين الأول/أكتوبر 2010 الماضي، احتجزوا خلالها عشرات الرهائن من المصلين الذين كانوا يقيمون قداس الأحد، وأسفر الاعتداء عن مقتل وإصابة ما لا يقل عن 125 شخصاً، وقد تبنى الهجوم تنظيم ما يعرف بـ"دولة العراق الإسلامية" التابع لتنظيم القاعدة، مهدداً باستهداف المسيحيين في العراق مؤسسات وأفراد.
وكانت الحكومة العراقية في نهاية العام 2010 تكفلت بتمويل عملية إعادة ترميم الكنسية وقامت بتنفيذ عملية الترميم شركة الفاو التابعة لوزارة الإسكان والإعمار.
يشار إلى أن أعداد المسيحيين في العراق انخفضت بعد حرب العام 2003 بحسب إحصاءات غير رسمية، من 1.5 مليون إلى نصف المليون، بسبب هجرة عدد كبير منهم إلى خارج العراق وتعرض العديد منهم إلى الهجمات في عموم مناطق العراق، خاصة في نينوى وبغداد وكركوك.
ويذكر أن المسيحيين في العراق يتعرضون إلى أعمال عنف منذ العام 2003 في بغداد والموصل وكركوك والبصرة، من بينها حادثة خطف وقتل المطران الكلداني الكاثوليكي بولس فرج رحو في شهر آذار/مارس من العام 2008.
وكان المسيحيون يشكلون نسبة 3.1 % من السكان في العراق وفق إحصاء أجري العام 1947، وبلغ عددهم في الثمانينيات بين مليون ومليوني نسمة، وانخفضت هذه النسبة بسبب الهجرة خلال فترة التسعينيات وما أعقبها من حروب وأوضاع اقتصادية وسياسية متردية، كما هاجرت أعداد كبيرة منهم إلى الخارج بعد عام 2003.