الشارقة - سعيد المهيري
استضافت هيئة الشارقة للكتاب، الجمعة، الروائي والطبيب السوداني، أمير تاج السر، مؤلف العديد من الروايات الشهيرة، ومنها "إيبولا 76"، و"سيرة الوجع"، و"العطر الفرنسي"، و"صائد اليرقات"، ليتحدث في جزيرة النور في الشارقة عن تجربته ومشواره في عالم الرواية والكتابة الإبداعية، في جلسة قدمتها الشاعرة الهنوف محمد، عضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وبحضور سعادة أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب، وجمع من المثقفين والإعلاميين والمهتمين بالكتابة والرواية.
وبعد أن قدم الروائي أمير تاج السر الشكر والتقدير للشارقة ولهيئة الشارقة للكتاب ورئيسها، على هذه الاستضافة، تساءل: لماذا نكتب عموماً، وكيف ولماذا نكتب الرواية خصوصاً، مشيراً إلى أهمية ومكانة الكتابة الإبداعية، بشكل عام، وكتابة الرواية بشكل خاص، فالرواية بالنسبة له هي الأساس في الكتابة، مضيفاً أن الكتابة الإبداعية في العالم الغربي أصبحت ضمن المناهج المدرسية والجامعية، وهي تتطلب تمتع المدّرس بتجربة وخبرة جيّدة، ليكون مؤهلاً لتدريس هذه المادة، ويقدم خبراته للآخرين.
وبيّن تاج السر أننا في العالم العربي لم نصل بعد إلى ذلك، لكن لدينا فكرة ورش الكتابة الإبداعية، التي يتعلم فيها الشخص كيف يكتب، فتلك الورش تفيد الشخص في الحصول على أبجديات الكتابة الأساسية. مؤكداً أن أفضل تعريف يمكن أن يقدمه للرواية، من واقع عمله في المجال الطبي، هو أنها "جرثومة" أو "لوثة" يصاب بها بعض الأشخاص من دون الآخرين، ولفت إلى أنه مع ازدياد أعداد الكتّاب والكتب أصبح البعض يتعمد الإصابة بهذه "اللوثة".
وأشار تاج السر إلى أن الرواية هي تجربة شخصية أو قصة حياة، وقد تكون تجارب متنوعة في مجالات عدة، أو مجموعة من المواقف والقصص والحكايات تتراكم لدى هذا الشخص أو ذاك، فتتحول إلى رواية يريد كتابتها، والترويج والتسويق لها. وقال: "هناك شخصيات قد تسمع منها قصصاً وحكايات وروايات شفهية جميلة وعميقة ومعبّرة، لكنها لا تنجح في كتابة رواية، وتبقى إبداعاتها ضمن ما يمكن تسميته الرواية الشفهية، لكن من الممكن الاعتماد عليها أو الاتكاء عليها والاستفادة منها".
واعتبر الروائي السوداني الذي رشحت بعض أعماله للفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) أن الكتابة الإبداعية لها دور كبير في توثيق حياة الشعوب، وهي أفضل من التاريخ، فالتاريخ مادة أكاديمية كتبت بأقلام جافة حقيقية، أما الكتابة الأدبية فيمكن أن تضاف لها خيالات تُجملها وتُحسنها، ولذلك تكون الكتابة الإبداعية أفضل من التاريخ. وأشار إلى أن الرواية هي مزيج من الواقع والخيال، أو هي الواقع مطعماً بالخيال، لافتاً إلى أن من بين عيوب الكتابة أن تكتب رواية واقعية لا تشد القارئ إلى الخيال.
وميّز أمير تاج السر بين الرواية التاريخية والمعاصرة، لافتاً إلى أنه من الممكن استخدام التاريخ كي يكون مسرحاً لحوادث الرواية، فتخيّل التاريخ يمنح الكاتب فسحة كبيرة للخيال، وشدد على أهمية أن تكون لغة الكتابة جذابة وشيّقة في السرد والحوار، فالرواية تتطلب سرداً فنياً وأدبياً جميلاً. وتحدث عن تجربته في تحكيم الروايات وطبيعة اللغة المستخدمة أحياناً في بعض الروايات، خصوصاً أثناء الحوار وليس السرد.
وقال: "دوماً البدايات صعبة في كتابة الرواية، وكذلك النهايات، بمعنى أن هناك صعوبات تواجه الكاتب في بداية الرواية وفي نهاياتها، فجزء من شقاء الكاتب هو العثور على نهاية للرواية لا يتذمر منها القارئ". ولفت إلى أنه عندما يتم الاتفاق بين مؤلف ومخرج من أجل تحويل الرواية إلى عمل درامي، فإنه لا يحق له الاعتراض على ملامح وتفاصيل العمل، الذي يكون فيه الفعل للمخرج وكاتب السيناريو. وأشاد بالرواية الخليجية التي أصبح لها موقع متميّز ولا أحد يمكن أن ينكر ذلك.
وشكر أحمد بن ركاض العامري، الروائي والكاتب أمير تاج السر على مشاركته في هذه الندوة المهمة، وأكد حرص هيئة الشارقة للكتاب على إقامة وتنظيم العديد من الفعاليات والبرامج الثقافية والفكرية والمعرفية كجزء من توجهها واستراتيجيتها، من أجل تزويد عشاق الكلمة المقروءة بالمعلومة الثرية والمعرفة، وتأمين فرصة النقاش، والاطلاع على تجارب بعض المثقفين، والمفكرين، والمبدعين.
وبعد انتهاء الروائي أمير تاج السر من الندوة وعرض تجربته، ناقش الحضور من إعلاميين، ومثقفين، وروائيين، ونقاد، تجربته وأفكاره حول الرواية، وأشادوا بأعماله التي تتناول جوانب كثيرة من الواقع الحياتي، وخاصة في السودان والقارة الأفريقية، وأعربوا عن سعادتهم بزيارته إلى الشارقة، وحرصه على التواصل مع قرائه ومعجيبه في المنطقة.