المسحراتي

  يوصل "الدمَّام" أو "أبو الطبل" أي المسحراتي، إيقاع ضربات آلة الطبل للصائمين في إشارة لبدء السحور، على الرغم من خطورة الوضع الأمني في العاصمة العراقية.

وتعد هذه المهنة التي توارثت من جيل الى جيل، سمة مميزة من سمات شهر رمضان المبارك لدى جميع العراقيين، ويجوب المسحراتي في العاصمة العراقية خلال هذه الأيام في المناطق المستقرة بينما خلت بعض مناطقها من صوت الطبل وإيقاعاته.

وفي منطقة الأعظمية شمال بغداد، والتي تعتبر من المناطق الأمنية، يظهر نعمان الحدّاد أشهر مسحراتي في المنطقة، فهو يجوب شوارعها وأزقتها من انتصاف الليل إلى حين سماع مآذن الجوامع تعلن موعد" الإمساك" وهو التوقف عن الطعام والشراب إلى صلاة المغرب من ذلك اليوم.

 وذكر نعمان الحداد لـ"العرب اليوم"، "منذ كنت صغيرًا وأنا أرافق والدي وأخوتي في جولة في شوارع الأعظمية وأزقتها لنوقظ الصائمين خلال فترة السحور"، مستدركًا بالقول: "الآن الوضع اختلف كثيرًا عما كان في السابق حيث جميع الصائمين الآن تقريبًا هم بالأصل ليسوا نائمين بل شغلتهم التكنولوجيا الحديثة وبخاصة الإنترنت وغيره"، متابعًا "إلا أنها تبقى ميزة غالبة من مميزات الشهر الكريم، وإحدى الطقوس الجميلة التي يحبها العراقيون".

وتختلف كلمة المسحراتي بين البلدان العربية والإسلامية ففي العراق يُسمى "أبو الطبل أو الدمّام" والمسحراتي في مصر وسورية وأكثر البلدان العربية، وفي دول الخليج العربي يطلق عليه "القريقعان" إضافة إلى تسميات شعبية أخرى.

 وتحدث أبو الطبل عن سنوات الأحداث الطائفية التي مرت على العراق ما بين 2006 إلى منتصف 2008 تقريبًا، قائلًا "تلك سنين وأيام لا تنسى، كنت أجوب أزقة وشوارع المنطقة مع مجموعة كبيرة من الأصدقاء المرافقين لي، نعم كنت أشعر بالخوف في داخلي إلا أن المرافقين لي يبددون وحشة خوف الليل الدامس فضلًا عن أن الأهالي كانوا سندًا لنا ويرافقوننا أحيانا بل ونتناول السحور معهم على عتبة باب منازلهم". متابعًا، لا ننسى أن قرار منع التجوال ليلًا كان ساريًا حتى بداية هذا العام حيث ألغي هذا القرار".

 وأوضحت أم عمر 60 عامًا، لـ"العرب اليوم" "وأنا أسمع صوت "أبو الدمام" استرجع الأيام الخوالي التي كنا فيها مع أطفال المنطقة نجلس على عتبة الدار ونردد مع صوت الطبل كلمة ( سحور سحور سحور)" .

  وأضافت "اليوم يختلف عن البارحة بل حتى نكهة السحور اختلفت، وصوت الطبل وإيقاعه اختلف أيضًا وأصبحت ضربات الطبل سريعة كحال الأغاني الجديدة"، مستدركة "ولكن يبقى صوت المسحراتي وضربات طبله مكملة لنكهة الشهر الكريم، فهو يمنح شهر رمضان جمالية روحية".

  وقال أبو إياد، 75 عامًا، إن "شهر رمضان المبارك يتميز عن بقية أشهر السنة بتلك الطقوس الرمضانية الجميلة التي تضيف لأيامه نكهة وجمالية، ومن بين طقوس رمضان يبرز المسحراتي أو ما يطلق عليه محليًا "أبو الطبل" وهو رجل متطوع يحمل طبلًا ويجوب الأزقة لغرض إيقاظ الناس الصائمين قبيل الإمساك بساعتين تقريبًا من خلال النقر على الطبل وترديد بعض الجمل والابتهالات الدينية عن رمضان وبعض الأدعية".

وأردف أبو إياد، متحسرًا على تلك الأيام: "الآن عدد المسحراتية قل كثيرًا وأصبح عددهم بعدد أصابع اليد نظرًا للوضع الأمني الذي يمر علينا في العراق".

وأشار إلى "أننا كنا ننتظر بشغف مروره من زقاقنا  لنخرج ونحيه ونرفع أصواتنا مع صوته (سحور سحور سحور، يانايمين )".

وتبقى مهنة المسحراتي، جزء لا يتجزء من ليالي رمضان البغدادية، وذات نكهة عراقية رمضانية خالصة، بالرغم من انحساره في العديد من المناطق في العاصمة بغداد.