جدة – العرب اليوم
حذر مثقفون من "هوس غير مسبوق" بتأليف ونشر الكتب، بات ينتشر في المجتمع، وهو النتيجة الطبيعية لفقدان الكتابة هيبتها الأسطورية على نحو ما يفند الخبير في العولمة أستاذ التربية المقارن في جامعة أم القرى الدكتور محمد فهيم الذي لا يبرئ في حديثه وسائل التواصل الاجتماعي بكل تطبيقاتها من التسبب في تفشي هذه الظاهرة، لكنه يؤكد أنها ليست السبب الرئيس الذي يتمحور حول التعليم بكل آلياته وتمظهراته.
ومع انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب في دورته الجديدة ، يحدث أن يصلك كتاب جديد يريد صاحبه كتابة عرض له، وعندما تتصفحه تجده كله تجميع لتغريدات على" تويتر" كتبها صاحبها وهو مستيقظ من النوم. هكذا يصف أحد المثقفين الظاهرة، ملخصا مضمونها الذي يعبر عما أشار إليه "فهيم" من فقدان الكتابة وقارها وهيبتها على مر التاريخ.
في الوقت الذي يستمتع أفراد مجتمعات أخرى من عشاق السينما أو المسرح، أو مشاهدة العروض الفنية بكل تجلياتها، تجد المجتمع المحلي يستمتع أفراد منه بالتغريد، وجمع التغريدات بعد ذلك لإصدارها في كتاب، بحسب توصيف الروائي عبدالله التعزي للظاهرة. لافتا إلى أنه "لا تزال للكتابة هيبتها وللفن قيمته، ولن يسمح الزمن والوقت بتمرير مثل هذه الترهات، التي تسقط سريعا واستسهال الكتابة، ظاهرة لافتة، لكن مؤكد أنها ليست طارئة، هي موجودة في كل الأزمنة، لكن تغير وسائل التواصل وثورة الاتصالات ، أظهرتها وجعلتها تبدو كأنها جديدة وطارئة، رغم أنها ليست كذلك. وهي ظاهرة لا تثير قلقا كبيرا فالسيناريو الأرجح لها أنها عابرة لن تطول، وقلقي البسيط أنها قد تفضي إلى اضطراب في المنتج الإبداعي، المحلي خاصة لدى بعض الأجيال الناشئة، وهنا سيكون النقد العلمي والصحفي مطالبا بالبحث عن الزيف وما هو غير حقيقي، حتى لا تتحول الظاهرة إلى أزمة ابداعية".
الشاعر والكاتب محمد أحمد مشاط يبدو متفائلا قائلا: دائمًا أتساءل هل ما نراه هو ظاهرة حقيقية، وتعبير حقيقي لحب الناس في بلادنا للكتب، وأنها ليست لأغراض الزينة والاستعراض وادعاء المعرفة؟
ورغم تفاؤل مشاط، إلا أن أسئلة أخرى تبقى معلقة حتى يقترب منها اختصاصيون، محاولين الإجابة عن حقيقة ما يحدث هل هو حقا ظاهرة عابرة ؟ أم هوس حقيقي يثير قلق الغيورين على الكتابة ؟!