الرياض ـ سعيد الغامدي
قدّم رسام سعودي يدعى عبد الناصر غارم، مبادرة جديدة إلى شباب الوطن العربي لإلهائهم عن التطرف بالفن، وعرض عشرات المنح للمراهقين لتعليم الرسم في الأستوديو الخاص به.
وأوضح عبد الناصر غارم، وهو ضابط سابق في الجيش السعودي، أن الشباب في الشرق الأوسط لديهم طاقة كبيرة وليس لديهم ما يفعلونه بها، لذا يكون الحل الأسهل هو الانضمام إلى الجماعات المتطرفة مثل "داعش" و"القاعدة"، مشيرًا إلى أن يجب استثمارهم قبل أن تجذبهم تلك الجماعات.
وصرّح غارم لصحيفة "الغارديان"، بأن اثنين من زملائه في المدرسة كانا من منفذي الهجوم العدواني على الولايات المتحدة في 11 أيلول / سبتمبر، أما هو فأصبح من الفنانين المشهورين، تباع لوحاته بمئات آلاف الدولارات، وأن هذا هو الفرق بين الفن والفراغ الذي يؤدي إلى التطرف.
ووضع غارم نفسه في مهمة محددة الآن، وهي استقطاب الشباب بعيدًا عن التطرف عن طريق تشجيعهم على أن يصبحوا فنانين، وأقام بالاشتراك مع أخيه الأصغر علجان، مؤسسة في الأستوديو الخاص به في الرياض لتدريب الشباب، وحتى الآن لديه 11 طالبًا تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 22 عامًا، وسوف تعرض أعمالهم في لندن الشهر المقبل، مؤمنًا أن الحل لمواجهة موجة التطرف التي تعصف بالشرق الأوسط هي تشجيع الشباب على التفكير بفردية.
وكان غارم طالبًا لامعًا في المدرسة، ولكنه كان مهددًا بتقليل درجاته لأنه لم يكن يحضر الخطب في المسجد، وأفاد: "بدأ المعلمون في التلاعب بدرجاتي في الامتحانات، وقادني هذا الأمر إلى الجنون لأنني كنت طالبًا مجتهدًا، ولكن فجأة أصبحت الطالب السيئ في المدرسة لأنني لم أكن أشاركهم نشاطاتهم، وحتى استعيد درجاتي كان علي أن أخرج معهم في نزهاتهم".
وبالحديث أن صديقيه السابقين، أردف غارم: "كانا صغارًا وطيبين ولكن شيء ما حدث لهما، لقد تغيرا وتحولا من القول لم لا نذهب ونرى ماذا سيحدث، إلى الحديث عن القتال، ولم يكن هذا التغيير الضخم، فكانا يحصلان على النظام الدراسي نفسه والخطب في المسجد ذاته".
وتابع: "الترفيه شيء معدوم في السعودية، فلا يوجد موسيقى أو سينما ولا تعليم للفنون الجميلة أو مدارس فنية، فكرتي هي مساعدة الشباب على إيجاد طريقهم بدلًا من تقديم أنفسهم كقرابين للقتال، أريدهم أن ينظروا حولهم ويطوروا من آدميتهم".
وتلقى الكثير من الذين يعملون مع غارم في الأستوديو تعليمهم في الولايات المتحدة أو أوروبا، وهم ضمن 20 ألف شاب استفادوا من برنامج المنح الدراسية للخارج الذي أطلقه الملك عبد الله منذ عشرة أعوام، وكان لخبراتهم تأثير عظيم، فهم لديهم أفكار جديدة وخلاقة.
واستطرد غارم: "مع أكثر من 70% من نسبة سكان السعودية تحت سن الـ 40، فإن تأثير هذا النوع من التعليم سوف يغير شكل البلاد، فهناك مجموعة من الناس داخل السعودية، يريدون العودة إلى الخلف وتجميد التاريخ".
وأضاف: "آمل أن يصبح الأستوديو هو المساحة التي يتشارك فيه الناس أفكارهم والتوصل إلى رؤيتهم الخاصة والتواصل مع المجتمع، وليس فقط أن يصبحوا فنانين، فأنا أحاول أن أعطيهم شيئًا يفيدهم على المدى البعيد، نظرًا لأن الفنانين في السعودية كسالى".