بغداد - نجلاء الطائي
كشف "المركز الإعلامي للسلطة القضائية" نقلًا عن قضاة عراقيين أدلوا بمعلومات دقيقة بشأن أسماء وتفاصيل الآثار المنهوبة، أن مؤسسات وأثرياء أوروبيين حازوها بطرق غير شرعية.
وأكد القضاة أن المحاكم العراقية المتخصصة ساهمت باسترجاع عدد كبير من الآثار بالتنسيق مع الإنتربول، وفتحت دعاوى أخرى بشأن سرقة آثار تعود للحضارة العراقية القديمة.
وذكر قاضي محكمة غسيل الأموال والجريمة الاقتصادية سهيل نجم، أن "المحكمة سجلت رسميًا سرقة نحو 15 ألف قطعة أثرية بعد عام 2003"، لافتًا إلى أن "قسمًا منها عبارة عن قطع وأخشاب وتماثيل حجرية تعود إلى العصر الأكدي".
وأضاف نجم أن "الهيئة العامة للآثار والتراث حركت دعاوى في المحكمة الاقتصادية عن فقدان هذه القطع"، مشيرًا إلى "ملفات استرداد نظمت لعدد من القطع منها 88 رقيما طينيًا في ايطاليا، وهي رسائل تعود إلى زمن سلالة أيسن أو العصر الاكدي". منوهًا إلى أن "معرفة مكان تواجد الرقيم جاء بعد نشر جامعة روما في العام 2006 صورًا له"،مبينًا أن "المخاطبات مستمرة بين الجهات ذات العلاقة لاسترجاعه".
وتحدث عن "وجود دعويين: الأولى تخص بوابة عشتار الموجودة منذ القرن الماضي في المتحف الألماني، والثانية عن قطع أثرية منها آلهة السمك والحجز الاثري وحامل الهلال وهي أيضًا في برلين". وأكد نجم أن "المانيا تستحوذ أيضًا على تمثال الرجل العابد الذي يعود تاريخه الى 1500ّ عام قبل الميلاد" منبّهًا إلى "تحريك دعوى لايقاف بيعه في مزاد هريمان".
وعن الآثار الموجودة في بريطانيًا أجاب "أنها 654 قطعة معروضة في متحف شويني الذي يمتلكه مارتن شوين أحد الاثرياء النرويجيين".
وتابع قاضي الجريمة الاقتصادية أن "شوين يزعم شراءه لهذه القطع من شخص أردني الجنسية والاخير يدعي بأنها أرث حصل عليه من عائلته"، مستدركًا "لكن الحقيقة هي آثار مسروقة من المتحف العراقي".
وواصل بالقول إن "العراق اكتشف القطع التي بحوزة شوين بعد أن أهداها إلى إحدى الجامعات البريطانية ونشرت خبرًا بهذه المناسبة عبر وكالات الانباء وحركت على اثرها قضية استردادها وما زالت سفارتنا في لندن تتابع الملف".
"وفي بريطانيا أيضا هناك قطع أثرية تسمى حجار الحدود وهي تعود إلى عهد الملك البابلي نبوخذ نصر الأول اذ كانت توضع على الحدود انذاك ومكتوب عليها بالخط المسماري"، بحسب ما يقول قاضي التحقيق. وفيما يخص الأرشيف اليهودي رد "أنه متواجد في الولايات المتحدة الأميركية، منذ استحوذت عليه بحجة صيانته في عام 2003ّ" مشددًا على أن "اتفاقية أبرمت تلتزم بها واشنطن بإعادته إلى العراق".
وزاد أن "عودة الأرشيف كانت مقررةة في 2014 إلا أن القائمين على إصلاحه طالبوا بتأجيل تسلمه إلى سنتين والجهود الدبلوماسية مستمرة لاعادته"".
وأفاد بأن "إسرائيل خصصت مكانًا للأرشيف وطلبت الحصول عليه من الولايات المتحدة لكن الأخيرة رفضت ذلك"، كاشفًا عن "وجود قضية تحقيق ضد أحد الموظفين العراقيين بتهمة تسليمه إلى الجانب الأميركي".
وتعليقًا على آثار الموصل، يبينّ القاضي نجم أن "88 قطعة منها سجلت رسميًا على أنها تعرضت للنهب إبان سيطرة تنظيم داعش المتطرف على المدينة في منتصف 2014".
وتابع أن "سفاراتنا مستنفرة في جميع دول العالم وتعمل بالتعاون مع الشرطة الدولية (الانتربول)، لكننا لم نعثر على أي قطعة حتى الان".
ولايرى نجم "خطورة على الآثار المسجلة رسميًا إنها مفقودة"، لكنه حذر من "ضياع ما يتم العثور عليه اثاء نبش المواقع الاثرية فهي غير موثّقة، ولا نملك معلومات عنها، كتلك التي سرقت من محافظة ذي قار".
ويأسف لـ"بقاء مساحات واسعة من الحدود العراق مع سوريا أو مع تركيا خارج السيطرة الرسمية وأصبحت ممرا للمجاميع المتطرفة ومهربي الاثار". ومن بين الاشياء الثمينة المفقودة، يؤكد نجم أنه "مصحف عثماني قديم تعرض للسرقة في مطلع تسعينيات القرن الماضي".
وفيما يخص ما تمت اعادته إلى البلاد، ذكر أن "العراق تسلم خلال المدة الماضية 2500 قطعة من الأردن، و5 أخرى من المملكة السعودية، وقطعتين من لبنان، فيما أعادت ألمانيا 22 قطعة، وتلقينا من الولايات المتحدة الأميركية 542 أخرى".
وتشترط الدول التي في حوزتها آثار عراقية بحسب نجم "وجود متخصصين عراقيين ليتأكدوا من سلامتها، كما يستوجب استردادها أوراقا تحقيقية اطلع عليها قاض عراقي".
وتحدث عن "وجود قضية بحق ضابط عراقي متعاون مع نظرائه في الجيش الاميركي بتهريب 12 قطعة لكي يتم بيعها في الولايات المتحدة الامريكية". وأشاد بـ "دور الدبلوماسية العراقية كونها متعاونة مع القضاء"، وجد أن "الدول الاخرى حريصة على ارجاع آثارنا"، مستدلا بـ"استرداد بعض القطع من دول عدة".
وعند اكتشاف سلطات الدول الاخرى وجود آثار مسروقة معروضة للبيع، يوضح نجم "أنها تتعرض إلى حظر مؤقت للتداول لحين اثبات العراق احقيته بها".
وأورد أن "لجنة متخصصة في المتحف الوطني مسؤولة عن تحديد القطع الاثرية من غيرها بعد فحصها بنحو دقيق"، موضحًا أن "المشرع عد حيازة الاثار الاصلية جناية ويعاقب مرتكبها بالسجن عشرة سنوات، وتشدد العقوبة اذا كان موظف في الجهات الحكومية المسؤولة عن الاثار، فيما عد حيازة المزيفة على أنها جنحة"، ووصف "القانون النافذ رقم 55 لسنة 2002 بالجيد والنموذجي".
وكشف القاضي الثاني في المحكمة إياد محسن ضمد عن "صدفة قادت الى اكتشاف آثار مهمة عبر وسائل الاعلام".
وتابع ضمد في تعليقه ، أن "تقريرًا عرضته قناة الجزيرة الفضائية قاد موظفي هيئة الاثار إلى تمثال سنقروط الذي كان بحوزة امرأة لبنانية اجري معها لقاء تلفزيوني".
وأكد أن "العراق حرك دعوى لدى محكمة لبنانية لاجل استعادة التمثال بالتنسيق مع وزارة الخارجية وسفارتنا في بيروت وحصل قرار باسترداده والقبض على حائزته بالتعاون مع الشرطة العربية". ومن بين ما أسترد مؤخرًا، أوضح ضمد "أنها 43قطعة اثرية وهي عبارة عن اقراط ذهبية اشورية كانت موجودة في مزاد كريستي الاميركي".
وأفاد بأن "لدى المحكمة أوراقا تحقيقية تتعلق بمتاجرة عراقي يملك الجنسية النرويجية بآثار عراقية"، منوهًا إلى "إصدار مذكرة قبض وملف استرداد بحقه".