بالتزامن مع الذكرى الثانية للهجوم الدموي ضد متظاهري ساحة التغيير في "جمعة الكرامة" (18 مارس/آذار 2011) إبان الثورة اليمنية ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح، كان انطلاق أعمال مؤتمر الحوار الوطني، صباح اليوم الاثنين، لتحاول اليمن "الالتئام" في ذكرى أشهر مجازر النظام السابق، بحسب محللين. وانطلق المؤتمر اليوم برعاية الأمم المتحدة، وتحت إشراف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وبمشاركة 565 ممثلاً لمختلف القوى السياسية اليمنية، ومقاطعة بعض فصائل الحراك الجنوبي المطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله. وغاب عن الحوار أيضا عدد من أبرز الشخصيات اليمنية منها، الناشطة الحاصلة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، والسياسي ورجل الأعمال حميد الأحمر، أحد أكثر الشخصيات بروزا خلال الثورة اليمنية، حيث اتهمه النظام السابق مرارا بأنه الممول الرئيسي للشباب المعارض. وقال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، علي الجرادي، لمراسل الأناضول إن "الحوار الوطني فرصة جديدة لليمنيين لتحقيق حلمهم في بناء يمن كبير ومستقر وإنجاز دولة مدنية، وقد جسدوا في هذا المؤتمر غاية الحكمة اليمنية". واعتبر الكاتب اليمني أن "اليوم يمثل فصلا مهما في حياة اليمنيين فالثوار يعيشون ذكرى أكبر مجزرة ارتكبها النظام السابق ضدهم والتي أسفرت عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى خلال ساعات قليلة". من جانبه، اعتبر الكاتب الصحفي اليمني تيسير السامعي المنتمي لمدينة تعز (جنوب) أن "ذكرى مجزرة الكرامة كانت فصلا مؤلما في حياة اليمنيين، ولكن ورغم الآلام التي تركتها إلا أن اليمنيين وصلوا إلى الحوار للعبور الى المستقبل". وقال السامعي للأناضول إن "مدينة تعز شهدت مسيرات تطالب بمحاكمة القتلة في جمعة الكرامة كما أكد أهلها على وقوفهم مع إنجاح الحوار". وحسب اللوائح الخاصة بجلسات مؤتمر الحوار، فسيناقش تسع قضايا من بينها قضية الحراك الانفصالي الجنوبي، وقضايا المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وبناء الدولة، والحكم الرشيد، وأسس بناء الجيش والأمن ودورهما، والحقوق والحريات. كما سيناقش المؤتمر قضايا تتعلق بالتنمية الشاملة والمستدامة، وقضايا اجتماعية وبيئية خاصة، وينظر في تشكيل لجنة لصياغة الدستور وإعداد الضمانات الخاصة بتنفيذ مخرجات الحوار. ويجري مؤتمر الحوار الوطني في اليمن وسط إجراءات أمنية مشددة، إذ أعلن وكيل وزارة الداخلية عضو اللجنة الأمنية العليا لتأمين الحوار اللواء عبد الرحمن حنش، في تصريحات صحفية،  أن أكثر من 50 ألفا من قوات الأمن ومن مختلف الوحدات العسكرية والأمنية تعمل على تأمين جميع مداخل ومنافذ العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى منع حمل الأسلحة خلال فترات انعقاد جلسات الحوار. وفي 18 مارس/آذار 2011، نظّم عشرات الآلاف من اليمنيين مظاهرة أطلقوا عليها اسم "جمعة الكرامة"، في ساحة التغيير، (موقع التظاهر والاعتصام لمعارضي الرئيس السابق علي عبد الله صالح وسط العاصمة صنعاء). ومع انتهاء المتظاهرين من صلاة الجمعة، قام العشرات من الرجال في ثياب مدنية، مسلحين بأسلحة آلية عسكرية بالتجمع حول الاعتصام من اتجاه الجنوب ثم فتحوا النار على المتظاهرين على مدار 3 ساعات، دون تدخل حقيقي من الأمن، ما أدى لمقتل حوالي 50 متظاهرا، أغلبهم من الطلبة الجامعيين ومنهم ثلاثة أطفال، وإصابة 200 آخرين، ليعد هذا الهجوم هو الأكثر دموية على المتظاهرين في انتفاضة اليمن التي استمرت عاماً. وأضاف الغضب الشعبي الذي تسبب فيه هذا الهجوم في إعطاء زخم أكبر لحركة الاحتجاج، التي أجبرت صالح على التنحي عن منصبه في فبراير/شباط 2012 طبقا لما نصت عليه المبادرة الخليجية التي سعت لإنهاء الأزمة اليمنية.